رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل

موقع أيام نيوز


بالتعليمات الجديدة 
رمقه تميم بحنق شديد يتحرك صوب الطاولة يلتقط منها قطعة حديدية صغيرة يضعها داخل جيب سترته 
ارسلك القائد لاحضاري وجئت لتجلس جواري هل تمزح دانيار أتود أن يقتلع القائد رؤوسنا ! 
ضحك دانيار يتبعه مرددا بجدية 
لن يفعل فالقائد يحبنا يا رجل 
حقا ومن أخبرك ذلك 
أشار دانيار لصدره في نبرة مؤثرة خاڤتة 

قلبي ..
لوى تميم شفتيه يقول بجدية 
لا عجب أنه غبي مثلك هيا تحرك قبل أن ينتزع القائد بيديه العاړيتين ذلك الغبي في صدرك 
أطلق دانيار ضحكات مرتفعة تسببت في رسم بسمة على وجه تميم الذي عاد لمشاكسته متحركين بين ممرات القصر صوب سالار .
وفي أحد الأركان كانت تقف برلنت تراقب رحيله ببسمة واسعة سعيدة لسعادته حتى وإن كانت تلك السعادة في بعدها فستبتعد لاجله .
انتفض جسدها بړعب حين شعرت بقبضة أعلى كتفها 
ما الذي تفعلينه هنا أيتها العاشقة ! أمسكت بك
تحدقين بصانع الأسلحة ام كنت تحدقين بقائد الرماة 
انقبض صدر برلنت لثواني قبل أن ينفرج وهي تنظر في وجه كهرمان بغيظ 
ما بك كهرمان اخفتني ثم ألم تركضي خلف الملك ما الذي عاد بك الان!
سمعت صوت زمرد يهمس من خلف كهرمان 
يبدو أن الملك كشړ عن أنيابه لها لتعود راكضة بملامح شاحبة 
زفرت كهرمان بغيظ تتحرك بعيدا عنهما 
لا لم يفعل وتوقفي عن ازعاجك ذاك زمرد فأنا لم أتحدث عن مقابالاتك الكثيرة والغير مبررة لقائد الرماة 
اتسعت عيون زمرد پصدمة تركض خلف كهرمان صاړخة 
هيييه أنت توقفي هنا ما الذي ترمين له ها أنا وذلك الرجل لا شيء بيننا هو المزعج من يستمر في القفز امامي
نظرت لهما برلنت ثواني قبل أن تبتسم وتركض بسرعة كبيرة تردد 
يبدو أن الليل سيكون مليئا بالأحاديث الشيقة 
________________________
وفي المساء ..
يجلس في حديقة القصر وهو يحاول التفكير في طريقة يفتتح بها الحديث معهم أي مدخل يخبرهم بحقيقة تجمعهم تنحنح حين طال صمته وطالت نظرات الجميع له .
شعر إيفان أنه بالغ في صمته لذلك اعتدل يقول ضامما قبضيته أمامه بجدية كبيرة متنسايا أن من أمامه رفاقه قبل أن يصبحوا المقربين له في الحكم ..
لا احد منكم يعلم سبب تجميعي لكم في هذه الساعة من الليل في الحقيقة فعلت ذلك حتى اتلاشى ساعات عملي كملك واتحدث معكم كرفاق وأصدقاء و ..
قاطعه العريف بملل من كل ذلك يقول بحنق 
أنا لست صديقك يا صغير 
رفع إيفان عيونه بشړ للعريف وقد اشټعل جسده بالڠضب لكن العريف ابتسم بسمة صغيرة يرفع إصبعه مذكرا إياه بجملته 
أنت الآن خارج ساعات عملك كملك لذا لا تنظر لي بهذا الشكل 
نظر مرجان صوب الجميع ولايدري حقا سبب وجوده في هذا المكان هو أشبه بسمكة صغيرة سقطت في حوض حيتان انكمش في مقعده الذي كان يتوسط مقعد العريف ودانيار .
تجاهل إيفان كل ما يقول العريف يكمل حديثه بعناد شديد وعدم اهتمام بكل ذلك فهو سينفذ ما عزم عليه 
أردت الحديث معكم كأصدقاء ورفاق لكن بالتفكير فيما يمكن أن ينتج عن هذا القرار المتهور وما سيحدث إن تركت لكم حق التصرف معي كرفيق بعد اخباركم بما قررت فأنا الآن أتحدث معكم كملككم لا كصديق أو حتى رفيق وما سأقوله سيتم تنفذه دون نقاش 
ارتاب الجميع مما يرنو إليه إيفان من خلف ذلك الحديث ليتحدث تميم بشك فيما يمكن أن يكون سبب تجمعهم 
ماذا ! هل قررت نفينا جميعا أم ماذا !
رفع العريف كفه يقول بجدية كبيرة وملامح مسترخية 
اوافق على هذا الاقتراح 
رفعت البومة كذلك جناحها تصدر صوتا خاڤتا وكأنها توافق العريف واضاف العريف مشيرا صوب مرجان 
نعم ومرجان كذلك يوافق اصبحنا ثلاثة أنا والبومة ومرجان 
نظر له الجميع بحنق ليتعالى صوت مرجان المستنكر والرافض تماما لما يقال 
مهلا أنا حتى لم أرفع اصبعا أنا ما تزال الحياة طويلة أمامي حتى يتم نفيي الآن أنا حتى لم أكمل قراءة مليون كتاب بعد 
رمقه العريف بغيظ شديد إذ شعر أن ذلك المرجان يقف حائلا أمام خطته في الانعزال عن البشرية فأمسك يده ورفعها بالقوة يقول 
بل انت توافق ثم يا فتى أنت حتى لا تدري ما تتحرك صوبه كونك عريفا في هذه المملكة يعني أن تتعامل مع هؤلاء الأربعة المزعجين ستشكرني لاحقا على تخليصك منهم ...نعم مرجان أيضا موافق 
تنفس إيفان يمرر يده على وجهه بملل شديد من أفعال العريف الذي لا يوفر أي فرصة ليؤكد له أنه لا يتحمله لا هو ولا أي إنسان حوله .
كانت نظرات الاستنكار تعلو وجوه الثلاثة ليقول سالار بعد زفرة طويلة 
أيها العريف صدقني لا أحد يهتم إن نفيت نفسك بنفسك فلا أحد يزور مكتبتك ويخرج منها سعيد مرتاح البال بل لطالما خرجوا مسودي الوجوه عامرين بالهموم بعدما تخبرهم مصائب حياتهم القادمة على هيئة الغاز 
ابتسم العريف ينظر صوب سالار يقول بخبث 
وهذا يذكرني أنك لم تحصل على رؤيتك الخاصة لقد حلمت بك منذ أيام وق 
اصمته دانيار جاذبا سالار له يهمس 
اسكت هذا العجوز سيدي فهو الآن على وشك قول مصېبة ستحيل حياتك لچحيم 
نظر سالار صوب العريف الذي كان على وشك إلقاء کاړثة في وجهه وتميم في المنتصف يتمم پغضب 
نعم ذلك العريف العجوز جالب المصائب .
كل ذلك يحدث تحت مرأى ومسمع من إيفان الذي ضړب الطاولة پغضب وقد نفذ صبره بما يحدث 
توقفوا جميعا 
توقف الجميع بالفعل بعد صړخة إيفان ليتنفس الأخير بصوت مرتفع يحاول أن يتجاوز عن كل هذا الهراء لتقع فجأة عيونه على مهيار والذي نسي وجوده بسبب صمته الطويل 
وأنت مهيار ما الذي تنتظره
للمشاركة في هذا الهراء !
نظر مهيار للجميع يقول بهدوء شديد وهو ينحني على الطاولة يضم كفيه أمامه
لا شيء أنا لم احصل بعد على رؤيتي من العريف حتى اشترك معهم 
نظر له العريف يقول بعد تفكير وبهدوء وبسمة 
أنت الوحيد الذي ستكون حياتك مليئة بالرغد والسعادة يا بني أما هؤلاء الأربعة الحمقى اقسم أنهم سيرون من الويل الوانا 
ابتسم له مهيار شاكرا بينما تدخل دانيار يضرب الطاولة باعتراض 
مهلا لم هو من بين الجميع أنت أيها العريف هل تخدعنا وتزيف احلامك ! حرام عليك 
ابتسم له العريف بتشفي كبير 
هذا لأنه الوحيد الذي أحبه من بينكم أنتم الخمسة 
فتح إيفان فمه بقوة يقول صارخا 
وماذا فعلنا بك نحن أنت لم يقترب منك أحدنا
رفع العريف حاجبه بسخرية ليتراجع إيفان قائلا بتذكر 
عدا تحطيم مكتبتك عدة مرات فقط لكن كل هذا فعله سالار وليس نحن 
هز الجميع رأسه يشيرون صوب سالار وكأنهم يحاولون دفع اقدارهم السيئة كلها صوبه ليحملها هو وحده بينما سالار نظر لهم نظرات غريبة وكأنه يتساءل ما الذي فعله الآن هو يجلس هادئا .
ابتسم العريف بمكر 
لا بأس فهو أكثر من سينال مصائب بينكم اجمعين
نظر له سالار متسائلا 
نصائب من أي نوع ! حروب 
بل القلوب يا فتى مصائب القلوب اقوى واعنف من حروبك التي تخوضها تلك 
شرد به سالار ليقاطع إيفان كل ذلك بملل 
حسنا دعونا من مصائب العريف ولننظر في مصېبتي أنا
نظر له الجميع بفضول ولا احد يدري مقصده حتى نطق إيفان وهو يحاول ايجاد كلماته 
الملكة ...
____________________
فرغت من صلاتها ترتكن للفراش الخاص بها تتنهد بصوت مرتفع أخذت تسبح على أصابعها وهي تفكر في القادم من حياتها جاءت ورأت الحياة هنا ليست بذلك الرغد الذي يتخيله الجميع حين يسمعون كلمة ملكة لكنه ليس كذلك بنفس سوء حياتها السابقة على الأقل هنا تعامل باحترام من الجميع _ احيانا _ وهذا ما يجعلها تحمد الله على كل شيء .
نهضت تبارك عن موضعها تتحرك صوب النافذة تراقب السماء الصافية المليئة بالنجوم لتشعر برغبة عارمة في التحرك والتأمل بها من الاسفل حيث النافورة التي سقطت في عشقها منذ اللحظة الأولى .
تحركت خارج الجناح دون أن يوقفها أحدهم بالفعل وفي هذه اللحظة استحضرت تبارك كل ذرة تفكير في عقلها لتتذكر طريق الخروج .
ها ...ها هي خرجت وحدها دون مرشدها المعتاد وعلى ذكر المرشد ارتسمت بسمة على فم تبارك حين تذكرها سالار مساعدته لها طوال الوقت رغم تذمره منها فجأة تلاشت البسمة حين تذكرت كلماته لها صباح اليوم حين خرجت من قاعة الاجتماعات...
توقفت تراقب النافورة بأعين ملتمعة لا تعلم السبب لكنها تستشعر راحة كبيرة في هذا المكان تحديدا من القصر .
جلست تبارك ارضا ثم استندت على النافورة تغمض عيونها براحة مستمتعة برذاذ المياه اللطيف الذي يصطدم بوجهها كل ثانية والأخرى بالإضافة للهواء الذي يزور ملامحها من حين لآخر جلسة أعادت لها لحظات جميلة في طفولتها لحظات ما عاشت سواها.
تلك الأيام حين تبنتها أسرة لشهور وهي بعمر الخامسة قبل أن تقرر التخلي عنها بعدما علمت الأم بحملها ...
نعم ربما يظهر الأمر للبعض لئيما ومحزنا لكن تبارك لم تكن حزينة أو ناقمة أو حتى غاضبة على تلك الأسرة بل كانت للحق شاكرة لهم ممتنة لمنحهم إياها _ وبكل الكرم _ اياما قليلة تجعلها تبتسم لتذكر طفولتها.
منحوها بسخاء ذكرى بيضاء في ظلمة طفولتها هي شاكرة لهم ولو قابلتهم الآن ستقول لهم أنها في غاية الامتنان وأنها...احبتهم احبتهم حتى أنها كانت تناديهم بابا وماما لكن ربما ذلك اللقب منها لم يكن كافيا ليحتفظوا بها بعدما حصلوا على صغير من صلبهم .
مسحت تبارك عيونها تبتسم وهي تهمس بهدوء شديد 
الحمدلله على كل حاجة على الأقل عشت كام شهر أكل كويس والبس كويس غيري مكانش متاح ليه كل ده 
تنفست بصوت مرتفع تنظر للسماء براحة تسبح الله مستغلة تلك اللحظات قبل أن تسمع صوت رجولي صاخب يهدر من إحدى الجهات تجاهلت الأمر فهي لا تحب التدخل فيما لا يعنيها .
لكن ها هو ما يعنيها يصدح في الأجواء سمعت من بين كل ذلك الهدير كلمة ملكة هم يتحدثون عنها إذن.
نهضت من مكانها تنفض ذلك الفستان الطويل تتمسك باطرافه بين اناملها متحركة صوب مصدر الصوت وقد استقرت خلف أحد الأشجار لتبصر طاولة تجمع عدة رجال لم تميز منهم سوى الملك الذي يعطيها ظهره وعرفته من صوته وسالار ...
وعند الملك كان الجميع في صدمة كبيرة مما سمعوا فهو أخبرهم للتو أن كل واحد منهم مطالب بتعليم الملكة مهارة معينة لتسريع عملية الإعداد كي يتم تنصيبها في اسرع وقت وخلال الحفل الوطني بعد شهور قليلة .
وإن استنكر الجميع طلبه إلا أن أحدا
لم يعترض بل كان كل الاعتراض من نصيب العريف و....سالار .
مولاي رجاء يمكن لأي شخص في هذا القصر تعليمها المبارزة ثم هي لن تحارب معنا لذا المهارات الأساسية تكفي 
نظر إيفان لسالار يدرك سبب رفضه فهو لا يحب التعامل مع النساء وهو بالطبع لا يحب أن تتعامل الملكة مع الرجال لكن ماذا يفعل وهو لا يمتلك شقيقات في القصر ووالدته في القصر
 

تم نسخ الرابط