رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل
المحتويات
من فمها أكثر سؤال مريب غريب قد يفكر به شخص بعد كلماته الحماسية تلك
هو أنت مسلم
انقبضت ملامح سالار يردد بعدم فهم
ماذا
أنت... أنت مسلم أنا... أنا معرفش أنت ايه أنا مش قصدي حاجة والله أنا بس ...يعني طريقة كلامك و...
صمتت لا تعلم كيف خرجت بذلك السؤال له كان غبيا منذ متى كانت تتدخل في تلك الأمور ويقودها فضولها لتلك النقطة مع شخص تكاد لا تعلم عنه الكثير .
نظرت له ببسمة واسعة ليكمل هو طريقه بهدوء
هيا تحدثنا كثيرا لنكمل الطريق كي لا نتأخر على الوصول ...
ابتسمت تبارك وسارت خلفه بسرعة تضم حقيبتها لها تقول بصوت مرتفع
على فكرة أنت شبه الناس اللي في فيلم وااسلماه ..
وسالار كعادته لم يعلق أو يهتم بما تقوله هي بل سار بهدوء شديد وهي
أو هذا ما تتمناه هي ....
__________________
يعتلي صهوة فرسه وهو يركض به بين جدران قلعته وعيونه بحر سواد لا بداية له ولا نهاية متوقعة منه قلبه مراجل تغلي ما حدث مساء الأمس تحت سماء مملكته ليس اقټحام مقصود بقدر ما هو ټهديد واضح .
على سالار أن يعود في أسرع وقت فهو أكثر من يفهمه ويستطيع استشارته وأخذ منه نصيحة فسالار فيما يخص الحروب تفوق حكمته الجميع حوله وتفكيره يتخطى تفكير الكل باشواط رجل يتخذ خالد بن الوليد قدوة له ويقرأ في كتب الحروب القديمة لا بد وأن يمتلك عقلية حربية جبارة حمدا لله أن سالار بصفه وليس عدوا له .
توقف خيل إيفان جوار أحد الأشجار على أطراف القلعة قرب المزرعة تحديدا حيث يتنعم هناك بالمزروعات والطبيعية الجميلة.
هبط وهو ينزع سيفه يلقيه ارضا يتحرر من كل ما يقيده يتحرر من السلطة ومن كل شيء يود أن يعيش تلك اللحظات كإيفان الشاب المحب للحياة بعيدا عن كونه الملك .
يالله رحمتك بعبادك
كان يحمل فوق أكتافه هموم شعب بأكمله وخوف من القادم قوة المنبوذين تزداد شراسة ولا أحد يعلم ما يضمرونه أو ما يخفونه خلف قلوبهم السوداء .
فجأة رفع إيفان رأسه بانتباه شديد وهو يسمع صوت الحان يعلمها جيدا فهي نفسها الحان الدف الذي يستخدمه عادة العم سفيان حارس الحظائر فذلك العجوز يهوى العزف وطرق الطبول لكن العجيب هو أن الصوت لم يكن صوت الدف فقط بل كان هناك ترنيمات واناشيد فلكورية قديمة ترنيمات واناشيد لم يسمعها قبلا كلمات غريبة وبصوت رقيق ..
توقفت أقدام إيفان على مقربة من حظيرة القلعة ليبصر بعيونه فتاة غريبة لا يعلم لها هوية والغريب أنها كانت في تلك اللحظة تردد ترانيم وتدور وتحرك يديها بكل دلال .
ابتسم بسخرية يهمس من بين أنفاسه وعيونه لا تغادر تلك الفراشة الملونة بين حدائق قصره
مابال نساء القصر هذه الأيام أصبحن يتراقصن كلما حانت لهن فرصة لذلك
نظر للفتاة يقترب خطوات أكثر وهو يراها تدور في مكانها بسرعة كبيرة ثم تنخفض وهي تحرك يدها وكتفها بشكل ذكره برقصة سيدة في زفاف قديم رآه بالصدفة .
ابتسم دون وعي وهو يضحك على حركاتها ولا يدري ما حدث لكنه ولثواني نسي كل ما يجري داخل المملكة ونسي اجتماع الممالك الذي سيتم بعد ساعات قليلة .
وعند كهرمان منذ دقائق ..
كانت تنظف الحظيرة كما أمرها الملك معاقبا إياها وقد شعرت بالقهر يكتنفها بعدما كانت تتنعم في حياتها وتعيش الرفاهية الوانا أصبحت الآن خادمة لبعض المواشي .
هبطت دموعها پقهر شديد وهي تهمس أثناء تنظيف الأرضية
حسبي الله فيمن كان سبب ما يحدث لي عسى أن يريني الله فيهم اڼتقاما شديدا لعڼة الله عليهم هؤلاء القذرين
انتهت من تنظيف المكان تستقيم وهي تجفف دموعها ثم ابتسمت بسمة صغيرة تشجع بها نفسها
لكن رغم كل شيء أنت فتاة شجاعة وقوية كهرمان احسنت ها هي حياتك تسير بشكل جيد كلما ابتسمت لها لا شيء يقهرك
أخذت تصفق لنفسها بسعادة كبيرة سرعان ما تلاشت حينما وجدت إحدى الأبقار تتغوط ارضا بعدما نظفت هي المكان منذ ثواني شحب وجهها واتسعت نظراتها لتلقي ادوات التنظيف ارضا تصرخ پجنون
ما بالك أيتها الغبية للتو نظفت المكان ! ألم يحلو لك التغوط إلا حينما نظفت اسفلك
وبانتهاء كلماتها وجدت المزيد والمزيد من المواشي تلوث المكان مرة أخرى وهي تراقب ما يحدث لتلقي ادوات التنظيف صاړخة
لن انظف المكان مرة أخرى هيا افعلوا ما تريدون أقسم لن انظف شبرا واحدا بهذه الحظيرة القڈرة ولو تحول المكان بأكمله لكتلة كبيرة من العفن سمعتم
أصدرت بقرة صوتا وكأنها تعترض على حديث كهرمان التي رفعت كتفيها
هذا ما لدي يا
آنسة ولا اريد اعتراضا عليه
أمسكت طرف فستانها كأميرة نبيلة ثم انحنت قليلا تقول ببسمة صغيرة ونظرات رقيقة كما لو كانت ترحب بأمير
والآن آنساتي اعذروني علي الرحيل لازيل عني رائحتكن القڈرة وداعا
اعتدلت في وقفتها واستدارت لترحل لكن فجأة شعرت بشيء زلق أسفل قدمها شيء تسبب في سقوطها بقوة على وجهها لتتلوث كامل ثيابها بالوحل ويعلو صوت الأبقار في المكان وهي نهضت بسرعة تنظر صوب الابقار بشړ
كفاكن شماتة يا نساء أنا لا اهتم لدي العديد من الثياب النظيفة بينما أنتن مضطرين للعيش بهذا الجلد العفن
ارتفعت أصوات الأبقار لتصرخ كهرمان في المقابل وهي تمسك ثيابها
نعم عفن ولا عزاء لكن...حمقاوات
نفخت بعدم اكتراث وهي تخرج وتغلق الحظير خلفها ثم نفضت كفيها سويا مبتسمة رغم كل ما حدث في الداخل وهي تتنفس بصوت مرتفع
ما اجمل الهواء دون رائحة الابقار !
نظرت لثيابها تتحرك صوب جدول مياه تنظفه وهي تتمتم بحنق شديد وڠضب
لا بأس كهرمان غدا تبتسم لك الحياة عزيزتي ابتسمي لها الآن لترد لك بسمتك بالمثل
وفجأة توقفت كهرمان عما تفعل حينما سمعت عزف على الدف عزف تعلمه جيدا عزف كذلك الذي كانت تجيده والدتها ابتسمت دون وعي وهي تنهض وتركض صوب صوت العزف وحينما وصلت له توقفت ترى من بعيد رجل عجوز يجلس أمام بحيرة صغيرة يحمل بين يديه دف ويطرق عليه بقوة .
ابتسمت دون شعور ثم رفعت يديها في الهواء تحركهما بتناغم مع الموسيقى وأغلقت عيونها دون شعور وصوت ترنيمات والدتها يصلها بوضوح فتحت فمها تغني كما كانت تفعل والدتها وتحرك جسدها بحركات في غاية الرقة والدلال فقط رغبة منها لعيش لحظات من الماضي تنسلخ عن واقع أليم بماضي مشرق .
تحرك يديها وكتفها وخصرها وتميل تارة وتدور تارة كل ذلك وهي ترى نفسها في قاعة الموسيقى الخاصة بوالدتها وهي تقف أمامها وتتمايل بدلال وتشاركها الغناء ...
ابتسمت كهرمان بسمة واسعة من بين دموعها وهي تغني نفس الكلمات بصوت تهدج شيئا فشيء وقد ارتفعت وتيرة الغناء وأخذت تدور بقوة في المكان وهي ترى أمامها والدتها تصفق لها وتزيد من حماسة كلماتها والتي كانت تتردد في الواقع على لسان كهرمان سقطت دموع كهرمان أكثر ترفع طرفي فستانها تدور في المكان وصوت والدتها يهمس لها
عزيزتي المدللة لكم أنت راقصة بارعة ترقصين كالفراشات أعلى الزهور في فصل الربيع محظوظ ذلك الرجل الذي سيحظى بفراشة رقيقة مثلك ..
أمي أنا لست بهذه الرقة أنا شرسة أيضا لذلك احذروا مني جميعا
أطلقت والدتها ضحكات صاخبة تضم كهرمان لصدرها
نعم نعم أنت في غاية الشراسة هذا ما نقوله نحن أمام شقيقك الاحمق الذي لا يستطيع الاقتناع بأنك فتاة ولست صبي ليعلمك القتال
لكن القتال ليس بالشيء السييء امي لربما يوما ما احتاجه
اتمنى ألا يأتي ذلك اليوم اميرتي الصغيرة
سقطت دموع كهرمان وهي تقول بحسرة وۏجع تتوقف عن الرقص
جاء ذلك اليوم أمي جاء ورحل آخذا إياكم جميعا ...
تعجب إيفان الذي كان يراقب من بعيد ازدياد حدة الغناء والحركات وبكاء تلك الفتاة رفع حاجبه لا يفهم ما يحدث في اللحظة التي رفعت كهرمان عيونها تجففها لكن فجأة صدمت حينما رأت أمامها شابا يراقبها من بعيد. .
انتفضت للخلف صاړخة تتحسس غطاء الوجه الخاص بها تتأكد أنه موضوع وهي ما تزال تعود للخلف .
وايفان اتسعت عيونه يراها تقترب من إحدى البحيرات الصناعية التي حفروها لأجل الحيوانات رفع يده يقول بصوت مرتفع
انتبهي ...خلفك ..
لكن كهرمان لم تسمع ولم تنتبه لشيء وهي تسقط بكامل جسدها داخل تلك البحيرة بقوة تسببت في تناثر المياه حولها .
وايفان اتسعت عيونه پصدمة كبيرة لكن فجأة اڼفجر في ضحكات مرتفعة وهو يراها تعافر لتخرج وكلما تمسكت بالحافة انزلقت وسقطت ..
زادت ضحكاته أكثر وهو يسمع سباتها له وصرخاتها به
أنت أيها المنحرف عديم المروءة بدلا من مد يد المساعدة تضحك
أطلقت صوتا حانقا غاضبا بينما إيفان لم يتوقف عن الضحك مدركا أنها لم تعلم بعد هويته ربما لثيابه العادية أو ملامحه غير الواضحة بسبب المسافة بينهما ..
ورغم ذلك رفع يديه في الهواء وهو يقول بصوت مرتفع وسخرية لاذعة نفس كلمات الأغنية التي كانت ترددها
كالنيران المشټعلة أنا ها
ضړبت كهرمان المياه بقوة صاړخة خجلة من سماعه لها
أيها الحقېر اقسم أنني شأشكوك للملك فقط انتظر
ابتسم إيفان يعيد خصلات شعره للخلف متجاهلا إياها بكل برود
نعم نعم افعلي اذهبي للملك واخبريه أن هناك منحرفا كان يراقبك تغنين ومن ثم تكبر عن مساعدتك وفي المقابل أنا سأخبره أنك اذيتي اذني بالإستماع لصوتك واضررتي عيني برؤيتك ترقصين بهذا الشكل الغريب ولنرى لمن سيستمع الملك
صړخت كهرمان بغيظ وڠضب
سأفعل
وسترى أقسم أن اشكوك واتأكد أن تنال عقابك من الملك فهذا المتجبر لا يترك أحدا يفلت من عقابه انظر إلي عاقبني بالعمل في الحظيرة لأجل اسباب تافهة انتظر لترى ما سيفعل بك
توقفت أقدام إيفان عن التحرك وهو ينظر أمامه پصدمة يدرك
متابعة القراءة